تعليق التشاور السياسي الوطني فرصة لتحقيق التوافق الوطني
تعليق التشاور السياسي الوطني فرصة لتحقيق التوافق الوطني
بقلم : د. محمد الراظي بن صدفن استاذ بجامعة انواكشوط العصرية
لا نخفي سرا إذا قلنا بأن المقصود من آية عملية للتشاور السياسي هو الوصول إلي مناقشة قضية اجتماعية أو اقتصادية بعينها أو قضايا سياسية مختلفة شريطة أن يتم ذلك بين عدة أطراف .
في هذا الصدد، فإنه من الوارد أن تكون المواضيع المطروحة للنقاش محل تباين و اختلاف في الآراء بين المتحاورين . لكن ذلك لا يمنع بالضرورة من الوصول إلي حالة من التوافق بين الاتجاهات المختلفة حول تلك القضايا .
بهذا الخصوص ، فإن رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني يري بأن التشاور
هو آلية دائمة يمكن اللجوء إليها في آي وقت و هي سنة حميدة مؤكدة في تعاليم ديننا الإسلامي ، و ليس مرحلة تتم و تنتهي . و قد أعتبر سيادته أنها علي العكس من ذلك هي عملية مستمرة يمكن أن تتمخض عنها في أي وقت نتائج معينة ضمن توافق وطني.
و هنا لا بد من التفريق بين المفاوضات التي تنتهي بالإتفاق بخصوص ملف شائك هنا أو هناك و المشاورات أو عملية التشاور الوطني الموسعة التي تنتهي في الغالب بالتوافق علي قضايا جوهرية وطنية مثل نبذ الظلم و الحيف و الإقصاء و التهميش و محاربتهم و إرساء قواعد العدل و الإنصاف و المساواة في الحقوق بين مختلف أفراد الشعب . ولا شك أن هذا النوع من المشاورات يعزز اللحمة الإجتماعية و يضمن الرقي و يحقق الوحدة الوطنية بين جميع المكونات الإجتماعية.
أما المشاورات التي يمكن أن يتبني بعض المشاركين فيها أية نظرة عنصرية أو طائفية أو قبلية أو عرقية او جهوية أو المساس بالثوابت المقدسة للأمة أو تشجيع علي ترويج خطاب الكراهية ، فيجب أن تكون خطا أحمرًا بالنسبة لكل الوطنيين من أبناء البلد الغيورين علي وحدته و هي منافية لفلسفة المشروع الإصلاحي الوحدوي الذي قدمه رئيس الجمهورية في برنامجه الإنتخابي الذي زكاه الشعب بالأغلبية سنة ٢٠١٩م في الإستحقاقات الرئاسية.
و تأسيسًا علي ما سبق ، فإننا نري أن تعليق التشاور السياسي الوطني الذي أعلنت عنه الحكومة مؤخرا تعتبر فرصة حقيقية لتصحيح المسار و التحضير الجيد لإنطلاق تشاور حقيقي يضمن الحد الأدنى من التوافق الوطني يستجيب لتطلعات الموريتانيين و يحقق في النهاية المصلحة العليا للوطن التي هي مطلب شرعي قبل أن تكون مطلبًا وطنيا.
فهل ياتري ستستخلص نخبتنا السياسية و الفكرية العبر و تستفيد من أخطاء الماضي أم سنظل ندور في حلقة مفرغة تؤدي حتما في آخر المطاف لا قدر الله إلي طريق مسدود؟.